مدى جواز التحكيم في قضايا الأحوال الشخصية بقلم ايهاب عمرو

By: Material type: ArticleArticleLanguage: Arabic Publication details: الحياة الجديدة; رام الله; 2014; 26. ك2. 2014Subject(s): Online resources: In: الحياة الجديدة N. 6897Summary: تعد مسائل الأحوال الشخصية مثل الزواج، الطلاق، الارث، التفريق، النسب، الوصية والنفقة من الأمور التي نظمها المشرع القانوني بموجب قواعد آمرة لا تجوز مخالفتها كونها متعلقة بالنظام العام في الدولة بسبب علاقتها بحقوق الأسرة، بحيث ان أي اعتداء عليها أو أي مساس بها يشكل اخلالاً بالأسس التي يرتكز عليها النظام العام في الدولة. وفي حالة وجود مخالفة تتعلق بأي من المسائل آنفة الذكر، فان الطرف المتضرر يستطيع أن يلجأ الى المحكمة الشرعية المختصة مطالباً بانصافه ورفع الضررعنه. واذا سلمنا حكماً وقانوناً باختصاص المحاكم الشرعية على اختلاف أنواعها ودرجاتها بالنظر في أية مسألة من مسائل الأحوال الشخصية وخصوصاً الموضوعية، فان التساؤل المطروح يتعلق فيما اذا كان ممكناً تسوية أي من مسائل الأحوال الشخصية الأخرى وخصوصاً المالية منها عن طريق التحكيم.من أجل الاجابة عن التساؤل المطروح وغيره من الأسئلة ذات العلاقة، فاننا نورد المثال التالي بقصد ايضاح الفرق بين التحكيم في المسائل المالية الناشئة عن قضايا الأحوال الشخصية، وبين التحكيم في منازعات الأحوال الشخصية الموضوعية:"توفي السيد سليم وترك وراءه ثلاثة أبناء ذكورا وابنة واحدة. بعد مضي فترة من الزمن، لجأ أحد الأبناء الأربعة الى المحكمة الشرعية كي تحدد الأنصبة الارثية لكل واحد منهم عن طريق استخراج حصر الارث الشرعي. بعد تحديد الأنصبة الارثية، ثار نزاع بين الورثة بخصوص قسمة بعض الأموال الشائعة وذلك كون أجزاء أعيان التركة متداخلة بسبب وجود عقار بناء وعقار أرض للمتوفى، فما كان من الورثة الا أن اتفقوا على احالة الخلاف الناشئ بينهم الى المحكم الشرعي فريد والمعتمد من قبل وزارة العدل، الذي طلب ابتداء من الورثة تزويده بحصر الارث الصادر عن المحكمة الشرعية بخصوص المتوفى سليم، الذي انحصر ارثه الشرعي في أبنائه الثلاثة الذكور وابنته الوحيدة. بعد ذلك، استعان المحكم فريد بذوي الاختصاص من أهل الخبرة بخصوص اجراء مساحات الأرض والبناء وذلك حتى يتم ازالة الشيوع، ثم قام بعد ذلك باجراء التخمين حتى يتم معرفة حصة الانثى الوحيدة، حيث رغب أحد الاخوة بالحصول على حصتها مقابل حصولها على قيمة البدل، وهو ما يعرف باسم التخارج، أي قيام أحد الورثة ببيع كل حصته أو جزء منها لوارث آخر. بعد كل ذلك، أصدر المحكم الشرعي فريد قراره وذلك استناداً الى المذهب الحنفي بخصوص ازالة الشيوع وتخمين قيمة حصة الأنثى الوحيدة للمتوفى".يتبين لنا من المثال السابق أن الورثة قد اختاروا اللجوء الى التحكيم من أجل تسوية النزاع القائم بخصوص قسمة بعض الأموال الشائعة، بدلاً من اللجوء الى المحكمة النظامية المختصة. وهذه المسألة تدخل ضمن المسائل المالية الناشئة عن احدى قضايا الأحوال الشخصية الموضوعية. وبذلك، يتضح لنا الفرق بين التحكيم في المسائل المالية الناشئة عن قضايا موضوعية، وبين التحكيم في مسائل الأحوال الشخصية الموضوعية الذي يتم عن طريق المحكمة.الشرعية المختصة ويعرف باسم "التحكيم الشرعي"، كما هو الحال مثلاً في المسائل المتعلقة بالنزاع والشقاق بين الزوجين. حيث تقوم المحكمة بالطلب من كل طرف أن يعين محكماً، على أن يقوم المحكمون المعينون بحل النزاع، وفي حالة عدم اتفاق المحكمين المعينيين على حل النزاع، فان المحكمة تقوم بتعيين مرجح يقوم بالفصل في النزاع.ان التساؤلات التي تطرح نفسها اضافة الى التساؤل الذي طرح ابتداء وتمت الاجابة عنه، تتعلق فيما اذا كان التحكيم في النزاعات الخاصة بالمسائل المالية في قضايا الأحوال الشخصية يتفق وصحيح القانون. وهل يعد قرار التحكيم الذي أصدره المحكم فريد في المثال السابق ملزماً للأطراف. وهل يمكن تنفيذ هذا النوع من قرارات التحكيم جبراً في حال رفض أحد الأطراف التنفيذ الطوعي للقرار، وما هو الأساس القانوني لذلك. أخيراً، هل يتعين اخضاع المسائل المالية في قضايا الأحوال الشخصية لاجراءات خاصة بها في التحكيم يتفق وطبيعة هذا النوع من النزاعات كتلك المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الشرعية الساري المفعول مثلاً، أم أنه يمكن تطبيق الاجراءات المنصوص عليها في قانون التحكيم على هذه النزاعات.للاجابة على التساؤلات المطروحة يمكن القول: ان نص المادة 4 من قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة 2000 قد جاء مطلقاً باستثناء مسائل الأحوال الشخصية من الخضوع للتحكيم، حيث جاء النص على النحو التالي:"لا تخضع لأحكام هذا القانون المسائل الآتية:...3. المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية". حسب ظاهر النص، يتضح لنا أن القانون يستثني مسائل الأحوال الشخصية من أن تتم تسويتها عبر التحكيم. غير أن هذا النص المطلق تم استدراكه في اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون التحكيم لسنة 2004 التي جاء في المادة 2 منها ما يلي:
Item type: Article List(s) this item appears in: التحكيم مقالات عربي
Tags from this library: No tags from this library for this title. Log in to add tags.
Star ratings
    Average rating: 0.0 (0 votes)
No physical items for this record

متوفر عبر الرابط للجريدة الحياة

تعد مسائل الأحوال الشخصية مثل الزواج، الطلاق، الارث، التفريق، النسب، الوصية والنفقة من الأمور التي نظمها المشرع القانوني بموجب قواعد آمرة لا تجوز مخالفتها كونها متعلقة بالنظام العام في الدولة بسبب علاقتها بحقوق الأسرة، بحيث ان أي اعتداء عليها أو أي مساس بها يشكل اخلالاً بالأسس التي يرتكز عليها النظام العام في الدولة. وفي حالة وجود مخالفة تتعلق بأي من المسائل آنفة الذكر، فان الطرف المتضرر يستطيع أن يلجأ الى المحكمة الشرعية المختصة مطالباً بانصافه ورفع الضررعنه. واذا سلمنا حكماً وقانوناً باختصاص المحاكم الشرعية على اختلاف أنواعها ودرجاتها بالنظر في أية مسألة من مسائل الأحوال الشخصية وخصوصاً الموضوعية، فان التساؤل المطروح يتعلق فيما اذا كان ممكناً تسوية أي من مسائل الأحوال الشخصية الأخرى وخصوصاً المالية منها عن طريق التحكيم.من أجل الاجابة عن التساؤل المطروح وغيره من الأسئلة ذات العلاقة، فاننا نورد المثال التالي بقصد ايضاح الفرق بين التحكيم في المسائل المالية الناشئة عن قضايا الأحوال الشخصية، وبين التحكيم في منازعات الأحوال الشخصية الموضوعية:"توفي السيد سليم وترك وراءه ثلاثة أبناء ذكورا وابنة واحدة. بعد مضي فترة من الزمن، لجأ أحد الأبناء الأربعة الى المحكمة الشرعية كي تحدد الأنصبة الارثية لكل واحد منهم عن طريق استخراج حصر الارث الشرعي. بعد تحديد الأنصبة الارثية، ثار نزاع بين الورثة بخصوص قسمة بعض الأموال الشائعة وذلك كون أجزاء أعيان التركة متداخلة بسبب وجود عقار بناء وعقار أرض للمتوفى، فما كان من الورثة الا أن اتفقوا على احالة الخلاف الناشئ بينهم الى المحكم الشرعي فريد والمعتمد من قبل وزارة العدل، الذي طلب ابتداء من الورثة تزويده بحصر الارث الصادر عن المحكمة الشرعية بخصوص المتوفى سليم، الذي انحصر ارثه الشرعي في أبنائه الثلاثة الذكور وابنته الوحيدة. بعد ذلك، استعان المحكم فريد بذوي الاختصاص من أهل الخبرة بخصوص اجراء مساحات الأرض والبناء وذلك حتى يتم ازالة الشيوع، ثم قام بعد ذلك باجراء التخمين حتى يتم معرفة حصة الانثى الوحيدة، حيث رغب أحد الاخوة بالحصول على حصتها مقابل حصولها على قيمة البدل، وهو ما يعرف باسم التخارج، أي قيام أحد الورثة ببيع كل حصته أو جزء منها لوارث آخر. بعد كل ذلك، أصدر المحكم الشرعي فريد قراره وذلك استناداً الى المذهب الحنفي بخصوص ازالة الشيوع وتخمين قيمة حصة الأنثى الوحيدة للمتوفى".يتبين لنا من المثال السابق أن الورثة قد اختاروا اللجوء الى التحكيم من أجل تسوية النزاع القائم بخصوص قسمة بعض الأموال الشائعة، بدلاً من اللجوء الى المحكمة النظامية المختصة. وهذه المسألة تدخل ضمن المسائل المالية الناشئة عن احدى قضايا الأحوال الشخصية الموضوعية. وبذلك، يتضح لنا الفرق بين التحكيم في المسائل المالية الناشئة عن قضايا موضوعية، وبين التحكيم في مسائل الأحوال الشخصية الموضوعية الذي يتم عن طريق المحكمة.الشرعية المختصة ويعرف باسم "التحكيم الشرعي"، كما هو الحال مثلاً في المسائل المتعلقة بالنزاع والشقاق بين الزوجين. حيث تقوم المحكمة بالطلب من كل طرف أن يعين محكماً، على أن يقوم المحكمون المعينون بحل النزاع، وفي حالة عدم اتفاق المحكمين المعينيين على حل النزاع، فان المحكمة تقوم بتعيين مرجح يقوم بالفصل في النزاع.ان التساؤلات التي تطرح نفسها اضافة الى التساؤل الذي طرح ابتداء وتمت الاجابة عنه، تتعلق فيما اذا كان التحكيم في النزاعات الخاصة بالمسائل المالية في قضايا الأحوال الشخصية يتفق وصحيح القانون. وهل يعد قرار التحكيم الذي أصدره المحكم فريد في المثال السابق ملزماً للأطراف. وهل يمكن تنفيذ هذا النوع من قرارات التحكيم جبراً في حال رفض أحد الأطراف التنفيذ الطوعي للقرار، وما هو الأساس القانوني لذلك. أخيراً، هل يتعين اخضاع المسائل المالية في قضايا الأحوال الشخصية لاجراءات خاصة بها في التحكيم يتفق وطبيعة هذا النوع من النزاعات كتلك المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الشرعية الساري المفعول مثلاً، أم أنه يمكن تطبيق الاجراءات المنصوص عليها في قانون التحكيم على هذه النزاعات.للاجابة على التساؤلات المطروحة يمكن القول: ان نص المادة 4 من قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة 2000 قد جاء مطلقاً باستثناء مسائل الأحوال الشخصية من الخضوع للتحكيم، حيث جاء النص على النحو التالي:"لا تخضع لأحكام هذا القانون المسائل الآتية:...3. المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية". حسب ظاهر النص، يتضح لنا أن القانون يستثني مسائل الأحوال الشخصية من أن تتم تسويتها عبر التحكيم. غير أن هذا النص المطلق تم استدراكه في اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون التحكيم لسنة 2004 التي جاء في المادة 2 منها ما يلي:

There are no comments on this title.

to post a comment.

Powered by Koha